1) تعريفُ التَّعزيةِ:
التّعزيةُ: تسليةُ أهلِ الميّتِ، وحثُّهم على الصّبرِ بوعدِ الأجرِ، والدُّعاءِ للميّتِ المسلمِ والمصابِ.
2) حكمُ التّعزيةِ:
تُسنُّ تعزيةُ المسلمِ المصابِ بميّتٍ ؛ لحديثِ عمرو بن حزمٍ رضي الله عنه مرفوعا: « مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إلَّا كَسَاهُ اللهُ عز وجل مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » [رواه ابن ماجه]. وتشرعُ قبل الدّفنِ وبعده.
3) مدّةُ التّعزيةِ:
تمتدُّ التّعزيةُ ثلاثةَ أيّامٍ بليالِيهنّ؛ لإذنِ الشّارعِ في الإحدادِ إلى ثلاثٍ؛ بقوله صلى الله عليه وسلم : « لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا » [متّفق عليه]. وتكرهُ بعدها إلا لغائبٍ؛ حتّى لا يتجدَّدَ له الحُزنُ.
4) ما يُقالُ في التّعزيةِ:
يُقالُ للمسلمِ المُصابِ بميّتٍ في التّعزيةِ: « أَعْظَمَ اللهُ أَجْرَكَ، وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ، وَغَفَرَ لِمَيّتِكَ »، ولا يتعيّنُ ذلك؛ بل إن شاءَ قالَهُ، وإن شاءَ قالَ غيرَه؛ إذ الغرضُ الدُّعاءُ للمصابِ وميّتِهِ. ويقولُ المُصابُ: « اسْتَجَابَ اللهُ دُعَاءَكَ، وَرَحِمَنَا وَإِيَّاكَ »؛ فقد ردَّ به الإمامُ أحمدُ رحمه الله.
5) البُكاءُ والنَّدبُ والنِّياحةُ على الميّتِ:
أ - لا بأسَ بالبُكاءِ على الميّتِ قبلَ الموتِ وبعدَهُ؛ بلا ندبٍ، ولا نياحةٍ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ اللهَ لاَ يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَلاَ بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا - وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ - أَوْ يَرْحَمُ » [متفق عليه].
ب- يَحرمُ النَّدبُ، وهو: البُكاءُ مع تَعدادِ مَحاسنِ الميّتِ. والنِّياحةُ، وهي: رفعُ الصّوتِ بذلكَ برَنّةٍ؛ لحديثِ أمّ عطيّة رضي الله عنها قالت: « لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا﴾ ﴿وَلاَ يَعْصِينَكَ فيِ مَعْرُوفٍ ﴾ كَانَ مِنْهُ النِّيَاحَةُ » [رواه مسلم]؛ فسمّاهُ معصيةً. وعنها رضي الله عنها قالت: « أَخَذَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْبَيْعَةِ أَنْ لَا نَنُوحَ » [متفق عليه، واللّفظ للبخاريّ].
ج- يَحرمُ شَقُّ الثّوبِ، ولَطمُ الخدِّ، والصُّراخُ، ونَتفُ الشَّعرِ، ونَشْرُهُ، وحَلْقُهُ؛ لحديثِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: « لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ » [متّفق عليه]. وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: « أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَرِئَ مِنْ الصَّالِقَةِ، وَالحَالِقَةِ، وَالشَّاقَّةِ » [متفق عليه]. والصّالقةُ: بالصّادِ وفيها لغةٌ بالسّين، أي: الّتي ترفعُ صوتَها عند المصيبةِ، وقيل: الّتي تضربُ وَجْهَها. والحالقةُ: الّتي تحلِقُ شعرَها. والشّاقّةُ: الّتي تَشُقُّ ثوبَها.
6) زيارةُ القُبورِ:
أ - تُسَنُّ زيارةُ القبورِ للرِّجالِ؛ لحديث سليمان بن بريدة عن أبيه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: « قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ؛ فَقَدْ أَذِنَ لمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ؛ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْآخِرَةَ» [رواه التّرمذي، وأصلُه في مسلمٍ].
ب- تُكرَهُ زِيارةُ القُبُورِ للنِّساءِ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: « لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ زَائِرَاتِ الْقُبُورِ... » [رواه أبو داود وسكت عنه، والنسائي، والتّرمذيّ وحسّنه، وضعّفه آخرون]، ولأنّ المـرأةَ قليلـةُ الصّبرِ، كثيرةُ الجزعِ، وفي زيارتِها للقبورِ تهييجٌ للحـزنِ، وتجـديدٌ لـذكرِ مصـابِها؛ فـلا يؤمنُ أن يفضيَ بها ذلك إلى فعلِ ما لا يحلُّ؛ بخلافِ الرّجلِ.
وإنْ مرَّتِ المرأةُ بقبرٍ فِي طريقِها فسلّمتْ عليهِ، ودعتْ لهُ فحسنٌ؛ لأنّها لمْ تخرجْ لذلك.
ج- يُسَنُّ لمنْ زارَ القبورَ أو مرَّ بها أن يقولَ: « السّلامُ عليكُمْ دارَ قومٍ مؤمنينَ، وإنّا إنْ شاءَ اللهُ بكم للَاحِقُونَ، ويرحمُ اللهُ المُستقدِمينَ منكُمْ والمُستأخِرينَ، نسألُ اللهَ لنا ولكُم العافيةَ، اللّهُمّ لا تحرِمْنا أجرَهم، ولا تفتِنّا بعدَهُم، واغفرْ لنا ولهُم »؛ لمجموعِ الأحاديثِ الواردةِ في ذلك عنِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم من روايةِ أبي هريرةَ وعائشة وبريدةَ رضي الله عنهم [رواها أحمدُ ومسلمٌ وغيرُهما].
د- قال ابن القيم: الأحاديثُ والآثارُ تدلُّ على أنّ الزائرَ متى جاء علِمَ به المزورُ، وسمع سلامَه وأنِس به، وهذا عامٌّ في حقِّ الشهداءِ وغيرِهم، وأنّه لا توقيتَ في ذلك » [شرح منتهى الإرادات1/384].